لماذا التضامن مع غزة؟

Status

محمد بنبا

4

ككل مدن العالم، خرج سكان مدينة أكادير مساء يوم الأحد الماضي في مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني وترحما على شهداء حربها الأخيرة ضد العدوان الصهيوني، وككل مرة تنظًم فيها هذه الأشكال التضامنية تظهر العديد من الأسئلة عن ماهية المسيرات وفائدتها، وما القيمة المضافة التي سيربحها الفلسطينيون بعد هذه المسيرات؟ فقررت أن أجيب عن سؤال واحد وهو: “لماذا التضامن مع غزة أو غيرها من شعوب العالم الجريحة والمتضررة؟”

هل تعلم أن الإسلام ليس أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت؟ صحيح أنها أركان الإسلام الخمسة وأن لا إسلام دونها، ولكن هل تعلم ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: “من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم”.

هل تعلم يا من يقول: “اذهبوا وجاهدوا إلى جنب جيش المقاومة خير لكم من هذه الشعارات التي ترفعونها”، أنه لو أتيحت لك الفرصة لتجاهد هناك، فلن تستطيع، ببساطة لأن قلوب الفلسطينيين لا تشبه قلوبنا، وأن قوتهم لا تقاس بالعدة والمال والجهد، بل بقوة إيمانهم ويقينهم أن النصر حليفهم طال الزمان أو قصر، فهل تظن أنك قادر على الوقوف وسط جيش لا يخاف الموت؟ تشربوا معنى المقاومة منذ الصغر، لا يعرفون غاية غير الله، ولا قدوة غير محمد، ولا كتابا غير القرآن، ولا طريقا غير الجهاد، وأسمى أمانيهم الموت في سبيل الله. إن كنت تظن أن السلاح من سيحرر فلسطين فأنت لا زلت في مؤخرة قافلة نصرة فلسطين والمسجد الأقصى.

هل تعلم أن المقاومة إن كانت تحارب فليس لكي يعيش أهل غزة في سلم وسلام، أو ليعود الأسير إلى أهله فقط، ولكن لأن الجهاد في سبيل الله فرض على كل مسلم، فهم إن قاوموا أدوا عنا ضريبة الجهاد في سبيل الله.

تخيل… لو قمت صباح يوم من الأيام ووجدت أنك مريض لا تقوى لا على الكلام ولا على الحركة، وانتظرت لساعات أن يطمئن عليك أحدهم، أو يلاحظ غيابك عن العمل أو الدراسة أو طاولة الفطور، تخيل لو مر يوم واحد دون أن يسأل عن حالتك أحد، كيف سيكون إحساسك حينها؟ ألن تحس بألم أكثر من ألم مرضك، ألن تحس أنك دون قيمة؟ ألن تحس أنه يجب عليك “مقاومة” إهمال الناس قبل مقاومة مرضك؟… هو ذاك إحساس غزة لو لم يحرك العالم ساكنا لنصرتها في أشكال تضامنية مختلفة.

فإن لم نستطع كسب أجر الجهاد في سبيل الله، ولا تخفيف الألم عن غزة ونصرتها، فكيف برأيك نكون “مسلمين يهتمون بأمور المسلمين” إن لم نخرج في مسيرات ووقفات تضامنية معهم، منددين بالدماء التي تسيل في سبيل تحرير الأقصى، والدموع التي تتدفق من عيون الأرملة واليتيم، والمباني التي تخر كل يوم فوق رؤوس ساكنيها؟ كيف يحلو لك مشاهدة إخوان لك يقتلون ولا تحرك ساكنا لتعينهم في محنتهم؟ بل… ماذا لو كنت مكانهم؟

الفيديو خاص بمدونة “خربشات مجنون”