علمني رمضان

Status

محمد بنبا

قد آن الأوان ليرحل عنا حبيبنا رمضان، ليعتبر كل معتبر، ويدرك كل لبيب، أن أخطر ما يجب الحذر منه هو الوقت، فكم انتظرنا رمضان، وكم دعونا الله عز وجل أن يبلغنا إياه، ولما تقبل منا، عاشه البعض، ورحل قبل حلوله آخرون، راجين من العلي المقتدر أن يبلغهم أجره.
رحل رمضان، لكن لم ترحل دروسه، ومواعظه…

– علمني رمضان أن الحياة الدنيا محطة عبور إلى أول منازل الآخرة، فمن كانت رحلته آمنة مطمئنة فهو من واصلين الآمنين، ومن كانت رحلته عاصفة فهو من المتأخرين.
– علمني رمضان أن الدنيا سجن المؤمن، جنة الكافر، مرتع الغافل، ميدان كل مجتهد، وسرير كل كسول، أنها إلى زوال زائل: ربح من غنم منها، وخاب من اتخذ منها أعز صديق رفيق.
– علمني رمضان أن اليوم أربعا وعشرين ساعة، أعزها عند الله وأفضلها: ساعة ينزل فيها عز وجل إلى السماء الدنيا، فينادي: “هل من داع فأستجيب له، وهل من مستغفر فأغفر له”.
– علمني رمضان أن الله يخفى الغيب لحكمة لا يعلمها إلا هو، لو علم المؤمن ما وراء أسرار الله عز وجل ما عبد الله حق عبادته، وما قضى الليالي الطوال خائفا من عذابه، راجيا وجهه، منكسرا أمام عظمته. ولو علمه المسلم العاصي لزادت معاصيه.
– علمني رمضان أن قول الحق أجل من الحق نفسه، فإن حدثت به، تولى عنك الناس خائفين من عواقبه أو معرضين عنك، إلا قليلا منهم الساكتين، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
– علمني رمضان أن طول الليل يقاس بعمل النهار، وعمل النهار يقاس بجهد وسهر الليالي، فلا يستوي أمام الفلاح النائمين والساهرين، والكسالى والمجتهدين.
– علمني رمضان، أنه لا ولاية لمؤمن دون صحبة تعينه على القيام والصيام والذكر، تعينه على طرد الكسل، وعلى حب المؤمنين وحب رسول الله صلى الله عليه.
– علمني رمضان أن الأنثى خلقت لتحب وتحب، أنها من أرقى ما خلق الله، وأرحم روح هي تلك التي تسكنها، إن حافظت على عفتها، ووقارها، واتخذت من حدود الله حصنا لها،تحتمي به من أنياب وحوش الفتنة والرذيلة.
– علمني أن الحب، حب حبيب لا تحبه إلا لله، تحب له ما تحب لنفسك، وتخشى عليه ما تخشاه على نفسك. الحب أن يبكي القلب لا العين لفراقه، وتفرح كل الجوارح للقاءه، يحبك ليعينك على الله، ويحبك ليأخذ بيدك عندما تسقط في طريقك إلى المولى عز وجل، فأين لي بهذا الحب في هذا الزمان؟
هل ألقاك يا رمضان بعد هذا؟

هل يشفع لي صيامك وقيامكأمام المولى غدا يوم ألقاه؟

هل تشفع لي كل آية قرأتها؟

هل يتقبل الله مني الاستغفار؟

هل كتبت عند الله من الفائزين أم من الخاسرين؟

أشهدك يا ربي أنني أحبك، وأحب نبيك، وأحب من يحبه، وأرضى بقدرك خيره وشره، وأومن أن الحياة حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق، وأن الحساب حق، وأنني عبد ذليل يخشى أن يلقاك بذنب ومعصية وقد أكرمتني وأنا اللئيم.