صامبا الحب…

Aside

أليس شابة فرنسية في مقتبل العمر تعمل كعضوة في إحدى الجمعيات التطوعية التي تعنى بإدماج المهاجرين السريين، حالتها النفسية ومعاناتها مع الاكتئاب والاحتراق النفسي، كانا سببا في طردها من عملها السابق في إحدى الشركات التي كانت تشغل فيها منصب مسؤولة تنفيذية.
دائما ما تفاجئنا الحياة بهدايا غير متوقعة تأتي على هيئة :عمل، ترقية، أشخاص...
ومن جميل الصدف أن أليس أثناء مزاولتها لعملها، حيث كانت تشرف على حالة مهاجر سنغالي لتساعده على تسوية وضعه القانوني، والحصول على أوراق الجنسية والإقامة...

أثناء رحلة البحث تعمقت معرفة أليس بالمهاجر صامبا ذي الأصول السنغالية، تطورت صداقتهما ليتجاوزا معا حدود الزمان والمكان، حتى “المنطق” فقد صوابه وهو يراقبهما عن كثب ..
في فترة وجيزة تحولت أليس من مجرد فتاة منغلقة مكتئبة فاقدة للعزيمة والهمة وزاهدة عن الحياة، إلى فتاة في قمة الحيوية والعطاء. ..
ليالي الأرق الطوال بدأت تغمرها شيئا فشيئا الطمأنينة والسكينة ..
جرعات المسكنات ومضادات الاكتئاب بدأت تنقص، ونوبات البكاء والاكتئاب بدأت تخفت هي الأخرى ..

كان سبب شفائها، ودواؤها الذي نسي طبيبها النفسي أن يصفه لها، هو لقاؤها الغير متوقع مع “صامبا”، الظهور -المفاجئ- لهذا الشخص في حياة أليس، جعلها ترى الحياة من منظار آخر ..

Cover

– أليس… لا أتذكر حتى اسمي، أخاف أن أنسى في يوم من الأيام من أكون.                                                                   – إذا حصل ونسيت، ناد بإسمك عاليا، سيظن الجميع أنك تريد أن ترقص.

صامبا :. طبيب نفساني غير معتمد، لم يتلق تكوينا يؤهله للعمل في الحقل النفسي كما أنه ليس حاصلا على شهادة تخول له ذلك ..
إلا أن حبه الصادق وقلبه الصافي، وعشقه اللامشروط الذي أهداه لها، وسط هذا العالم الذي شوهت الحروب والضغائن والكراهية كل معنى من معاني الحب والسلام، هذا ما جعل صامبا يتربع على عرش أطباء النفس، ويحقق ما لم يحققه الكثير منهم بأدويتهم وجلساتهم العلاجية ووصفاتهم الفاشلة ..

الحب.. إذا كان صادقا، قد يشفي أفتك الأمراض، ويخرق كل القوانين وينتهك كل القواعد..
الحب… لن تفهمه ما لم تتذوقه !

يحكي هذه القصة الفيلم الفرنسي “صامبا” الذي بدأ عرضه في القاعات الفرنسية يوم 15 أكتوبر 2014. لمخرجيهإيريك توليدانو وأوليفير ناكاش، صاحبا فيلم “المنبوذون” (Intouchables) الذي يعتبر ثاني الأفلام الأكثر نجاحا في فرنسا بعد فيلم “إيميلي” منذ سنة 1994.

 

لقاء توأم…

Status

محمد بنبا

لقاء توأم

التوأم حسب موسوعة ويكيبيديا لفظ يطلق على الإخوة الذين تكوَنوا في فترة حمل واحد داخل رحم الأم، ويكون الفرق بين زمن ولادتهما بضع دقائق أو سويعات لا أكثر، وهما نوعان المتشابه والمختلف… عذرا لست طبيبا، لكنني اكتشفت أنه يجب أن يضاف نوع آخر من أنواع التوائم، نوع لم أجد لحد الآن اسما له، ولا خصائص. هل تعلم أنه من نعم الله تعالى علينا أنه لم يخلق فقط من الشبه أربعينا، ولم يخلق من آدم عليه السلام أمنا حواء، بل خلق حتى من بعض العقول نسخا طبق الأصل بكل ما تحمله من أفكار وعقليات سواء كانت خيرة أو شريرة… عذرا أطلت الكلام وما ينبغي !

قبل أشهر قليلة، وبدون موعد معلن كان اللقاء، لا أذكر تفاصيله لأنها لا تهمني، ما يهمني أنه شاءت الأقدار أن أكتشف نفسي في جسد آخر لم أتوقع أن يحملني، أنا الذي لطالما حاولت أن أتميز في كل شيء، وجدت نفسي أمام مرآة خلقها القدر ليضرب بكبريائي عرض الحائط، من كان يظن أنني سأجن وأتحدث إلى نفسي ساعات وأيام وأشهر عديدة، أن أسأل نفسي وأجيب، أن أنام ولست بنائم، وأجوع وأعطش وأنا شبعان؟… لطالما حلمت أن أكون طبيبا نفسانيا، لكن كيف أكونه وأنا لم أستطع حتى أن أحلل هذه الروح التي تسكنني؟

لن تفهم معنى أن تلتقي توأمك الذي لا يشبهك في خلقتك، لا يعرف عنك سوى اسمك، يتقاسم أحلامك، أفكارك، تفكيرك، عقليتك، رؤيتك، مستقبلك، طريقة كلامك، جنونك، ألوانك، طعامك، لباسك، أشكالك، إحساسك. بل حتى الشوكولاطة التي تعودت أكلها دون مبالاة يصبح لها طعم آخر بلقائه.

نسيت أن أذكركم أنها فتاة، لم أرها بعد، لكن أستطيع أن أصفها، نعم أستطيع، لأنها أنا، وأنا هي: فتاة ليست ككل الفتيات، أحلامها أكبر من قضاء شهر عسل على سطح المريخ، عيناها لا تسترق النظر إلى ما لن يفيدها وفمها لا ينطق إلا بما في قلبها وعقلها لا يفهم ما يمليه قلبها، فتبقى طول الوقت حائرة بين العقل والعاطفة، تجيد العناد وتكره الكذب وتتقن الفضول كأي إنسانة تريد معرفة كل شيء، تقرأ بين السطور ما لا تنوي أنت كتابته، وتعرف ما ستنطق قبل أن تهم بالكلام، تعرف معنى أن تكون مجنونا مختلفا عن بني البشر، وتعرف المعنى الحقيقي للعفة، وتغضب إن تناولت حبة شوكولاطة واحدة دونها.

علمتني بوجودها معنى السمر والسهر، علمتني كيف أصنع من الخيال هدايا أثمن من البلور، وكيف أكتب نصوصا لا تفهمها كل عقول البشر، علمتني كيف أحس بالذنب لخطأ لم أرتكبه، علمتني أن أفرح لخير لم أصنعه، علمتني أنه لو اطلعت على قلوب الناس لوجدت أن الذي بداخلي أتعسها، علمتني كيف أشتاق لشخص ماثل أمامي، وأحس بفراقه بعيد رحيله، علمتني كيف أموت حيا إن مر وقتي مرور ريح لا يحمله في طياته لقيح أزهار ينفع وينتفع به.

هو ذاك منطق الحياة: إما أن تلتقي من يفهمك فتحس أن أفكارك ليست لك بل لكل العالم وقد تكون من خصته الأقدار أن يخرجها للوجود، أو أن تكون ذا أفكار فتبقى حبيسة خيالك لأن لا أحد استطاع الوصول إليك ولا أنت استطعت الوصول إلى أحد، فتحارب العقول حتى تجد لأفكارك مكانا فيها… إن أردت أن تعيش ما كتبت، أو لم تفهم معنى ما قصدت، فجد لك توأما !